وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
أولًا: ما حكم الشرع في حالتك؟
برّ الوالدين فرض عين، حتى لو كانا قاسيين
قال تعالى: "وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعْبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً"
[الإسراء: 23]
والله ما ربط الإحسان بكون الوالدين طيبين، بل حتى لو كانا مشركين، قال سبحانه:
"وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما، وصاحبهما في الدنيا معروفا"
[لقمان: 15]
ثانيًا: هل يحق لك قطع العلاقة مؤقتًا؟
الجواب إذا كنت تتعرّض لأذى نفسي أو جسدي شديد
وتحس أن قربك منه سيؤدي إلى عقوق أو إساءة منك
فلك أن تبتعد مؤقتًا بنية الإصلاح لا القطيعة،
بشرط:أن لا تقطع الدعاء له
ولا تقطع الاحترام في قلبك، ولا تقطع الحد الأدنى من التواصل (رسالة، سلام، عيد...)
قال النبي ﷺ:
> "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قُطعت رحمه وصلها"
(رواه البخاري)
ثالثًا: ما الذي يمكنك فعله عمليًا؟
1. خفف التواصل، لا تقطعه
خذ مسافة نفسية، لا جسدية تمامًا.
مثال: رسالة أسبوعية قصيرة: "يا أبي، أحبك، وأسأل الله أن يشرح صدرك، سامحني إن قصّرت".
2. ادع له في كل صلاة
قل: "اللهم أصلح قلب أبي، واهده، واجعلني من البارين به في الرضا والسخط"
3. لا تدخل في نقاشات أو ردود
بعض الآباء القساة عندهم جروح قديمة لا يصرّحون بها.
لا تأخذها بشكل شخصي دائمًا.
4. اصبر واحتسب
كل لحظة ألم بسبب برك له = رفع درجات، وتكفير سيئات
قال ﷺ:
"رغم أنفه، ثم رغم أنفه، ثم رغم أنفه"
قيل: من يا رسول الله؟
قال:
"من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة"
(مسلم)
والله تعالى أعلم.
والحمد لله رب العالمين.