الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد:
الله سبحانه وتعالى هو خالق الزمان والمكان ومنزّه عن الحلول فيهما، بل الاعتقاد الصحيح أن تنزّه الله عن المكان وعن الزمان لأنه خالق كل شيء ومنها الزمان والمكان، ولا يحلّ في شيء، لأنه لا يحتاج إلى شيء " إن الله لغني عن العالمين"
فإذا اعتقد أن الله غير منزه عن المكان وعن الزمان فهذا يعني أنك تنسب لله أنه في مكان والمكان مخلوق أو في زمان والزمان مخلوق..وهذا يُعارض الآية: " إن الله لغني عن العالمين" و هذا الكلام لا يصح ولذا قال الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] وقال: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4], وقال: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: 65]". اهـ
قال ابن عبد البر رحمه في التمهيد : لَمَّا ثبتَ أنه تعالى ليْسَ بِجِسْمٍ ولا جَوْهَرٍ، لم يَجِبْ أن يكون مَجِيئُه حَرَكةً ولا نُقْلَة٠ انتهى.
لذا فهو ليس بجرم مركب ولاغير مركب ويستحيل أن يتصف باﻷعضاء والجوارح وقد تم بيان معنى يده ووجهه ونحو ذلك وبيانها بالمعاني العربية التي لا تشبيه فيها.
وليس حال في جهة فتعالى عن الجهات الست كلها وهي جهة الفوق والتحت واﻷمام والخلف واليمين والشمال ﻷنه لو كان في جهة لكان متحيزا محصورا وهو ليس كذلك.يقول القرطبي في تفسيره لـ ( وهو العلي العظيم ) : و"العلي" يراد به علو القدر والمنزلة لا علو المكان؛ لأن الله منزه عن التحيز....وفي موضع آخر من تفسيره يقول:... فعلو الله تعالى وارتفاعه عبارة عن علو مجده وصفاته وملكوته. انتهى.
وهذا لاينافي وصفه بالعلو كما قال تعالى "وهو العلي العظيم"
ﻷنه علو مرتبة وشرف وليس علو حسي مكاني .وكذلك اثبات الاستواء ﻷنه استواء قهر وليس استواء استقرار وجلوس .
وأيضا ليس له جهة ﻷن الجهة لاتكون إلا لجسم له أجزاء فمنها أجزاء فوق كالرأس لﻹنسان وأجزاء تحت كالرجل للمخلوق وهذا الوصف مستحيل على الله تعالى ﻷنه ليس كمثله شيء .
ولايحل في مكان ولايتقيد بزمان ﻷنه خالق المكان والزمان والحال في المكان منحصر فيه ومحتاج إليه والله ليس كذلك فالحلول في مكان والتقيد بالزمان من خصائص المخلوق .
ومنزه عن أن تتصف ذاته وصفاته بالحوادث كالقدرة الحادثة أو اﻹرادة الحادثة أو حدوث الكلام أو العلم الحادث أو غير ذلك من الحوادث فالحوادث لايتصف بها إلا شيء حادث غير قديم.
ويستحيل أن يتصف عز وجل باﻷجزاء فلا يتصف بالصغر أو الكبر وهذا لا ينافي أنه "الكبير المتعال"ﻷنه كبير شرف ومرتبة وليس كبر حجم كما يتصور المجسمة.
نسأل لله أن يرزقنا وغياكم الاعتقاد الصحيح بربنا العلي العظيم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.