وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله أما بعد.
أخي الحبيب هناك أدلة كثيرة على أن القرآن الكريم غير محرف سأذكر لك شيئا منها.
أولا: أن القرآن الكريم لم ينقل إلينا بالصحف حتى يتحرف، وإنما أساس نقل القرآن الكريم من حين نزوله إلى الآن بالمشافهة والحفظ، وأنه نقل بالتواتر، والتواتر هو أن ينقل جمع لايمكن تواطؤهم على الكذب عن جمع آخر لايمكن تواطؤهم على الكذب وهكذا حتى وصل إلينا، فنزل جبريل الأمين على رسول الله بالقرآن الكريم وفق الأحداث التي كانت تحدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله يتلو الآيات على الصحابة، فكانوا ينقلونها من صدورهم إلى غيرهم وهكذا بالتواتر إلى أن وصل إلينا، ثم جاء بعد ذلك اصطلاح علم التجويد الذي ضبطوه على حفظ الحفاظ، فأخذوا علم التجويد من حفظ الحفاظ الذين تواتر عنهم القرآن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثانيا: أن الله تعالى قال فيه أنه حفظه من التغيير والتبديل والتحريف
قال الله تعالى{ إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَـٰفِظُونَ }
فقال الله تعالى: أنه أنزل هذا القرآن وأنه حفظه من التحريف والتبديل، ومن خلال التواتر الذي سبق ذكره تتبين أنه غير محرف.
أما الجواب عن سؤالك الثاني: أن القرآن ليس من صنع البشر بل هو كلام الله تعالى،
فالدليل على أنه كلام الله، دقته وإعجازه وإخباره بالمغيبات، قال الله تعالى{ أَفَلَا یَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَیۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُوا۟ فِیهِ ٱخۡتِلَـٰفࣰا كَثِیرࣰا }[سُورَةُ النِّسَاءِ: ٨٢]
فالقرآن معجز بألفاظه، انظر يا أخي أيّ كلام نثرا يحفظ؟! يستحيل عادة أن تحفظ صفحة واحدة من كلام البشر،أما القرآن الكريم فملايين البشر يحفظونه عن ظهر قلب، وهذا دليل إعجازه ولو لم يكن معجزاً لما كان حفظه في الذاكرة سهلاً. وأيضا أنه صالح بأحكامه لكل زمان ومكان، ومازال البشر ينظرون في آياته فيصلون إلى علوم كثيرة قد ذكرها القرآن، ثم وصل الإنسان إليها الآن، قال الله تعالى(بينهما برزخ لايبغيان) فهذا قاله الله في القرآن عن بحرواحد فيه نوعان من الماء لاتختلط ببعضها،واكتشفه العلماء حديثا، قال الله تعالى (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) وقال الله تعالى{ ثُمَّ خَلَقۡنَا ٱلنُّطۡفَةَ عَلَقَةࣰ فَخَلَقۡنَا ٱلۡعَلَقَةَ مُضۡغَةࣰ فَخَلَقۡنَا ٱلۡمُضۡغَةَ عِظَـٰمࣰا فَكَسَوۡنَا ٱلۡعِظَـٰمَ لَحۡمࣰا ثُمَّ أَنشَأۡنَـٰهُ خَلۡقًا ءَاخَرَۚ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحۡسَنُ ٱلۡخَـٰلِقِینَ }[سُورَةُ المُؤۡمِنُونَ: ١٤] تكلم القرآن عن أطوار خلق الإنسان من النطقة إلى الولادة، وهذا لايعرفه البشر، ولم يشاهدوه أبدا، وقبل مائة عام لايعرف البشر كيف يتشكل الجنين، حتى تطور العلم الحديث، واخترع مايسمى " الإيكو" الجهاز الذي ينظر من خلاله إلى الجنين في بطن الأم فنظروا في أطوار الجنين، وإذا هي كما تكلم الله وكثير من علماء الطب أسلموا آنذاك، وإلى الآن يدخل الغربيون في الإسلام، ويؤمنوا بكلام الله لما يروا من الأدلة على أن هذا القرآن هو كلام الله ، و أدركوا أن هذا الكلام من عند الله وهو كلام الخالق للكون المدبر له.
وهكذا من صعد إلى الفضاء ونظر فيه ومن عاش في الأرض وتفكر فيها،يجد أن الله وصفها في القرآن بدقة وهيأها للبشر.
أما الجواب على سؤالك الثالث: وجود الرسول صلى الله عليه وسلم
فإذا تم إثبات القرآن أنه كلام الله فهو يخبرك عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، فكثير من الآيات تكلم الله عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
وأما الجواب عن سؤالك الرابع: أن السنة ليست محرفة
هذا السؤال أجوبته واسعة وطويلة أختصرمنها شيئا مفيدا لك بعون الله تعالى.
السنة النبوية هي كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لاينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
أمر رسول الله في بداية الإسلام ألا يكتب شيء عنه إلا القرآن،وكانت السنة أحاديث نقلها الصحابة الكرام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تتابعت العصور بعد الصحابة والتابعين وكثرت الفرق ودخل أهل الأهواء وكثر من يكذب الأحاديث عن رسولنا صلى الله عليه وسلم، فصنف العلماء علما ضبطوا فيه قواعد الحديث وقسموه حسب رجال إسناده ودقة مته ونقله إلى متواتر وصحيح ومتروك وضعيف وموضوع وتعددت أقسامه و سموه علم مصطلح الحديث وعلم الجرح والتعديل وعلم الرجال، وللإطلاع على هذا العلم إرجع إلى كتاب " منهج النقد في علوم الحديث" للدكتور نور الدين عتر رحمه الله تعالى ،
وصار لكل حديث سندا، وهذا السند عددا من الرجال من الصحابة الكرام إلى أئمة الحديث الذين دونوا لنا الكتب مثل البخاري ومسلم، فالبخاري وضع شروطا حتى جمع آلاف الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضى الإمام البخاري ستة عشر سنة في جمع كتابه صحيح البخاري، فمن شروط البخاري أن الرجل الذي ينقل الحديث لابد أن يكون ثقة، وأن يلقى من أخذ عنه ولايكتفي بالمعاصرة، فجمع كتابه الصحيح وهكذا الإمام مسلم والإمام مالك
استغرف في جمع كتاب الموطأ أربعين عاماً وانتقى الأحاديث التي ذكرها فيه من مائة ألف حديث، فصنفوا لنا واشتغلوا وبينوا وتثبتوا، وألف ابن الجوزي كتابا ضخما سماه الموضوعات وهي أحاديث مكذوبة لاتصح وليس لها أي سند عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، اكتشفها العلماء فلم يروا لها أسانيد صحيحة وإنما وهمية، وهكذا صارت بين أيدينا كتب وثوابت وعلم مصطلح الحديث والجرح والتعديل، الذي كان في الصدور ثم انتقل إلى الكتب والصدور والحمد لله رب العالمين.