الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن سبَّ الدين موجب للردَّة إذا كان يقصد بكلمة الدين الإسلام، أما إذا كان يقصد سلوك وأخلاق الإنسان المُخاطَب فلا يعتبر مرتدّاً، ولكن لا يليق بالمسلم السبُّ.
أما سبُّ الله تعالى أو النبي صلى الله عليه وسلم فإنه موجب للردَّة والعياذ بالله تعالى، ومن تلفَّظ بذلك وجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى، وتوبة المرتدِّ أن يتبرَّأ عن الأديان سوى الإسلام بعد نطقه بالشهادتين بنية الدخول في الإسلام، لأنه لو أتى بالشهادتين على وجه العادة لا يرتفع بذلك كفره.
فإذا نطق بالشهادتين لا على سبيل العادة بل على وجه العبادة والدخول بدين الله تعالى فقد صحَّت عودته، وارتفعت عنه ردَّته. وهذا بالاتِّفاق بين الفقهاء، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَمَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي نَفْسَهُ وَمَالَهُ إِلا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ) رواه البخاري ومسلم.
وصرَّح الحنابلة بأنَّ المرتدَّ إذا مات، فأقام وارثه بيِّنة على أنه صلَّى بعد الردَّة حُكِم بإسلامه، ويؤخذ من ذلك أنه تحصل توبة المرتدِّ بصلاته.
وبناء على ذلك:
فمن سبَّ الدين يُسأل عن قصده، فإن قصد الإسلام حُكم عليه بالردَّة والعياذ بالله تعالى، وإلا فلا.
أما من سبَّ النبي صلى الله عليه وسلم أو سبَّ الله تعالى، فإنه يصبح مرتدَّاً، وعليه أن ينطق بالشهادتين حتى تُقبل توبته، وأن يكون مستحضر النية عند النطق بالشهادتين لا أن تكون على وجه العادة، وإذا صلَّى بعد ردَّته حُكم بإسلامه كذلك.
ومما لا شك فيه بأن لنا الظاهر والله يتولى السرائر، فإذا نطق بالشهادتين فيُحكم بصحة توبته في الدنيا، وحسابه على الله تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.
ر. حاشية ابن عابدين ـ الإقناع ـ أسنى المطالب ـ حاشية الرملي ـ روضة الطالبين ـ الحاوي الكبير ـ كشاف القناع.
---
حرر بتاريخ: 30.01.2010
المصدر:
https://www.naasan.net/index.php?page=YWR2aXNvcnk=&op=ZGlzcGxheV9hZHZpc29yeV9kZXRhaWxzX3U=&advisory_id=MjY1MQ==&lan=YXI=