الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَلَا يَجُوزُ القَضَاءُ قَبْلَ وُجُوبِهِ، لِأَنَّ القَضَاءَ لَا يَكُونُ إِلَّا لِشَيْءٍ وَجَبَ في وَقْتٍ، فَخَرَجَ الوَقْتُ وَلَمْ يُؤَدِّ فِيهِ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَأْتِ وَقْتُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ قَبْلَ وَقْتِهِ، وَلَا تَقْدِيمُ قَضَائِهِ عَلَيْهِ.
فَكُلُّ العِبَادَاتِ لَهَا أَوْقَاتٌ مُحَدَّدَةٌ، كَمَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾. وَقَوْلِهِ تعالى في الصَّلَاةِ: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابَاً مَوْقُوتَاً﴾. وَقَوْلِهِ جَلَّ جَلَالُهُ في الحَجِّ: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾. فَلَا سَبِيلَ للمَرْءِ أَنْ يُقَدِّمَ عِبَادَةً عَنْ وَقْتِهَا، فَإِنْ فَعَلَ فَإِنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ العِبَادَةَ المَطْلُوبَةَ.
أَمَّا إِذَا أَخَّرَ العِبَادَةَ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ قَضَائِهَا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا حَتَّى تَبْرَأَ ذِمَّتُهُ أَمَامَ اللهِ تعالى، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اقْضُوا اللهَ، فَاللهُ أَحَقُّ بِالوَفَاءِ». أخرجه البخاري و مسلم.
وَأَمَّا حِرْصُ المَرْأَةِ عَلَى صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ، فَهَذَا شَيْءٌ حَسَنٌ، وَلَكِنْ صِيَامُ هَذِهِ الأَيَّامِ سُنَّةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَتْ أَنْ تُؤَدِّيَهَا فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ عَلَيْهَا.
فَإِذَا لَمْ تَقْدِرْ عَلَى القَضَاءِ وَصِيَامِ السِّتِّ في شَهْرِ شَوَّالٍ فَعَلَيْهَا أَنْ تُؤَدِّيَ القَضَاءَ، وَلَعَلَّ اللهَ تعالى أَنْ يُؤْجِرَهَا عَلَى صِيَامِ السِّتِّ كَمَا يَرَى بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ مِنَ المَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ.
وَاللهُ تعالى لَا يُكَلِّفُ نَفْسَاً إِلَّا وُسْعَهَا، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ». رواه مسلم. هذا، والله تعالى أعلم.
---
حرر بتاريخ: 13.03.2007
المصدر:
https://www.naasan.net/index.php?page=YWR2aXNvcnk=&op=ZGlzcGxheV9hZHZpc29yeV9kZXRhaWxzX3U=&advisory_id=ODE=&lan=YXI=