بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ويُعدّ هذا من أنواع الطلاق البدعي الذي وردت فيه أحاديث كثيرة تؤكد وقوعه، منها ما هو ثابت في "صحيح البخاري" و"صحيح مسلم". فقد طلق عبد الله بن عمر زوجته وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «ليراجعها». قال ابن عمر: قلت: أفتُحسب؟ قال: «فمه؟» وفي رواية أخرى عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن ابن عمر قال: «مره فليراجعها». قال: قلت: أفتُحسب؟ قال: «أرأيت إن عجز واستحمق؟». وفي رواية في "البخاري" قال ابن عمر: «حسبت علي بتطليقة».
وجاء في "شرح النووي على مسلم" (10/66): أن معنى قول ابن عمر «أفتُحسب؟» أي: أيرتفع عنه الطلاق لكونه وقع في الحيض؟ وهو استفهام إنكار، ومعناه: نعم تُحسب، ولا يمنع احتسابها عجزُه أو حماقتُه. وبيّن القاضي أن القائل لهذا الكلام هو ابن عمر صاحب القصة نفسه، لكنه أعاد الضمير بلفظ الغَيبة.
وقال ابن حجر في "فتح الباري" (9/352): ذكر النووي أن بعض أهل الظاهر شذّوا فقالوا: إذا طلق الرجل زوجته وهي حائض لم يقع الطلاق، لأنه غير مأذون فيه، فأشبه طلاق الأجنبية. ونقل الخطابي هذا القول عن الخوارج والرافضة. وقال ابن عبد البر: لا يخالف في ذلك إلا أهل البدع والضلال. وقد روي مثله عن بعض التابعين، وهو شذوذ. كما حكاه ابن العربي وغيره عن ابن علية، أي إبراهيم بن إسماعيل بن علية.
والذي عليه جماهير العلماء أن الطلاق البدعي يقع، وأن الأحاديث الصحيحة صرّحت بذلك، ولم يخالف في وقوعه إلا أهل الظاهر وأهل الأهواء والبدع، كما نصّ الإمام النووي وغيره.
ومسائل الطلاق لا يُجاب عنها عبر المجموعات أو بفتاوى عامة، بل لابد من مراجعة المفتي مباشرة، فهو الأدرى بما يفتي.
والحمد لله رب العالمين