الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى أَنَّ الأُضْحِيَةَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، لِقَوْلِـِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئَاً». رواه مسلم.
فَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ». يُفِيدُ التَّفْوِيضَ إلى إِرَادَةِ المُسْلِمِ.
وَذَهَبَ الحَنَفِيَّةُ إلى خِلَافِ الجُمْهُورِ وَقَالُوا بِوُجُوبِهَا، وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾. وَمُطْلَقُ الأَمْرِ للوُجُوبِ، وَمَتَى وَجَبَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَجَبَ عَلَى الأُمَّةِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قُدْوَتُهَا.
وَاسْتَدَلُّوا كَذَلِكَ بِقَوْلِـهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ، وَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا». أخرجه ابن ماجه. وَهَذَا كَالوَعِيدِ عَلَى تَرْكِ التَّضْحِيَةِ، وَالوَعِيدُ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ.
وَلِحَدِيثٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَلْيَذْبَحْ شَاةً مَكَانَهَا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ، فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللهِ». فَالأَمْرُ بِالإِعَادَةِ دَلِيلٌ عَلَى الوُجُوبِ.
فَهِيَ عِنْدَ الجُمْهُورِ سُنَّةٌ في كُلِّ عَامٍ، وَوَاجِبَةٌ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ في كُلِّ عَامٍ. هذا، والله تعالى أعلم.
---
حرر بتاريخ: 13.03.2007
المصدر:
https://www.naasan.net/index.php?page=YWR2aXNvcnk=&op=ZGlzcGxheV9hZHZpc29yeV9kZXRhaWxzX3U=&advisory_id=MTQy&lan=YXI=