الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: الحَدِيثُ رَوَاهُ البخاري بِهَذَا المَعْنَى، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ: «مَنْ أَدْرَكَهُ الصُّبْحُ، وَهُوَ جُنُبٌ فَلَا يَصُمْ».
ثانياً: هَذَا الحَدِيثُ مَنْسُوخٌ، وَإِنْ لَمْ يُقَلْ بِنَسْخِهِ فَهُوَ إِرْشَادٌ إلى الأَفْضَلِ وَالأَكْمَلِ، لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ قَبْلَ الفَجْرِ، لِيَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ مِنْ أَوَّلِ الصَّوْمِ.
ثالثاً: اسْتَقَرَّ الإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الصَّائِمَ إِذَا نَامَ فَاحْتَلَمَ لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ، بَلْ يُتِمُّهُ إِجْمَاعَاً، إِذَا لَمْ يَفْعَلْ شَيْئَاً يَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الاغْتِسَالُ.
وَفِي الحَدِيثِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثٌ لَا يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ: الحِجَامَةُ، وَالقَيْءُ، وَالاحْتِلَامُ». أخرجه الترمذي.
رابعاً: مَنْ أَجْنَبَ لَيْلَاً ثُمَّ أَصْبَحَ صَائِمَاً فَصَوْمُهُ صَحِيحٌ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، وَإِنْ بَقِيَ جُنُبَاً كُلَّ اليَوْمِ، وَلَكِنَّهُ يَكُونُ آثِمَاً لِتَرْكِهِ الصَّلَاةَ.
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنِ الرَّجُلِ يُصْبِحُ جُنُبَاً أَيَصُومُ؟
قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبَاً مِنْ غَيْرِ احْتِلَامٍ، ثُمَّ يَصُومُ. رواه مسلم.
وفي صَحِيحِ البخاري، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُدْرِكُهُ الفَجْرُ، وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ.
عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ: أَنَّ الإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبَاً بِاحْتِلَامٍ أَو جِمَاعٍ وَهُوَ صَائِمٌ فَصَوْمُهُ صَحِيحٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالحَدِيثُ إِمَّا مَنْسُوخٌ، وَإِمَّا مَحْمُولٌ عَلَى الإِرْشَادِ لِمَا هُوَ أَفْضَلُ. هذا، والله تعالى أعلم.
---
حرر بتاريخ: 13.03.2007
المصدر:
https://www.naasan.net/index.php?page=YWR2aXNvcnk=&op=ZGlzcGxheV9hZHZpc29yeV9kZXRhaWxzX3U=&advisory_id=OTA=&lan=YXI=