الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل وضع الميت في القبر باتجاه القبلة، لما ورد في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف البيت الحرام بأنه (قِبْلَتُكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا) رواه البيهقي.
وأما إذا تم دفن الميت إلى غير اتجاه القبلة، فقد اختلف الفقهاء في نبش القبر عندئذ:
حيث ذهب السادة الحنفية إلى عدم جواز نبش القبر إذا أُهيل عليه التراب، وذلك لأنّ الدفن باتجاه القبلة سنة عندهم وليس واجباً.
جاء في [تحفة الفقهاء 1/ 256]: "وَلَو وضعُوا فِي اللَّحْد مَيتا على غير الْقبْلَة أَو على يسَاره ثمَّ تَذكرُوا، فَإِن أَبَا حنيفَة قَالَ إِن كَانَ بعد تشريج اللَّبن قبل أَن يهيلوا التُّرَاب عَلَيْهِ أزالوا ذَلِك وَيُوجه إِلَى الْقبْلَة على يَمِينه، وَإِن أهالوا التُّرَاب لم ينبش الْقَبْر لِأَن التَّوْجِيه إِلَى الْقبْلَة سنة والنبش حرَام".
وذهب السادة المالكية إلى عدم جواز نبش القبر إن واروا الميت وخرجوا من قبره، أما إذا لم يتم دفنه بعد، فيجوز تحويله، كما قال الموّاق في [التاج والإكليل 3 /44]: "قال سحنون: إن جعلوا رأسه مكان رجليه، واستدبروا به القبلة، وواروه، ولم يخرجوا من قبره, نزعوا ترابه وحولوه للقبلة، وإن خرجوا من قبره وواروه تركوه".
وذهب السادة الشافعية إلى وجوب نبش القبر لتحويل الميت باتجاه القبلة، لكن بشرط أن لا يكون جسد الميت قد تغير، إذ لو تغير جسده لم يجز نبش القبر، جاء في [مغني المحتاج 2/ 38]: "فلو وجه لغيرها نبش ووجه للقبلة وجوباً إن لم يتغير، وإلا فلا ينبش".
وأما السادة الحنابلة فيجب عندهم نبش القبر وتحويل الميت إلى القبلة ما لم يكن قد تفسخ، قال المرداوي في [الإنصاف 2 /471]: "من دفن غير متوجه إلى القبلة - على الصحيح من المذهب - قال ابن عقيل: قال أصحابنا: ينبش إلا أن يخاف أن يتفسخ".
وما نفتي به أنه إذا وضع الميت في القبر إلى غير اتجاه القبلة، فإنه يجوز تحويله إذا لم يُهَـلْ عليه التراب، وأما إن أُهيل عليه التراب فلا يحول ولا ينبش، كما هو رأي السادة الحنفية والمالكية، وذلك حفاظاً على حرمة الأموات. والله تعالى أعلم
---
حرر بتاريخ: 04.11.2015
المصدر:
http://www.aliftaa.jo/Question.aspx?QuestionId=3141