50575 - ما هي كيفية التخلص من وسواس الدعاء ؟

Question

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندما ادعوا الله لأحبتي اعاني من شيء في نفسي يتعبني ويهلكني
فقد يدخل الشيطان في نفسي وانا ادعوا اسمع صوت داخلي فيني يدعوا عكس ما ادعوا به مثلا ( ادعي لصديقي بالصحه ) اسمع صوت داخلي فيني يدعوا له بالمرض مما يجعلني اعيد الدعاء واكرره وتتكرر معي نفس الحاله مما يخوفني من الدعاء والتوقف واقوم بلوم نفسي مع العلم اني محافظ على الدعاء بشكل يومي وبكل وقت ولكن هذا الشيء بدا ينفرني من الدعاء ارجوا من الله ثم منكم الحل

Answer 1

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حياك الله أخي الكريم، ونسأل الله أن يقبل دعاءك، ويطهر قلبك، ويذهب عنك هذا الوسواس.
ما تعاني منه هو "وسواس القهر" في الدعاء، وهو من أبسط حِيَل الشيطان وأكثرها إيذاءً للعبد الصالح. وأول شيء يجب أن تطمئن إليه هو:
هذا الصوت ليس منك، ولا يحاسبك الله عليه، ولا ينقص من أجرك ولا من دعائك شيء.
دعنا نتناول هذه المشكلة من عدة جوانب لتتخلص منها بإذن الله:
أولاً: الفهم الشرعي (هذا ليس أنت!)
1. هذا من الشيطان: الله تعالى يقول في القرآن: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [فصلت: 36]. هذا النزغ هو الوسوسة والهمزة. الشيطان يريد أن يثبطك عن أفضل العبادات وهي الدعاء، وإذا فشل في منعك، حاول أن يحولها إلى عذاب لك.
2. الله يعلم ما في نفسك: الله عز وجل يعلم أن هذا الكلام الباطل ليس من قبلك، بل هو وسوسة. وهو يعلم نيَّتك الطيبة وحبك لأحبتك ورغبتك في الخير لهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست به صدورها، ما لم تعمل به أو تتكلم" (متفق عليه). ما دام في صدرك ولم تتفوه به، فإن الله قد تجاوز عنه.
3. الدعاء بالإيجابي: حتى لو وسوس لك الشيطان بدعاء السوء، فاستبدله فورًا بالدعاء الإيجابي. مثلاً: إذا قال في نفسك "اللهم أمرضه" فقل مباشرة: "اللهم عافه واشفه وامنع عنه المرض". بهذا تحولت الوسوسة إلى دعوة خير.
ثانيًا: العلاج العملي (كيف تتعامل مع الوسواس؟)
1. لا تعد الدعاء أبداً: هذه هي القاعدة الذهبية. عندما تدعو لصديقك بالصحة ثم تأتيك الوسوسة، لا تُعِد الدعاء. استمر في دعائك التالي أو أنهِ الدعاء. لأن إعادة الدعاء هي بالضبط ما يريده الشيطان، فهو يريد أن يعذبك ويشككك ويُضيع وقت عبادتك. إذا لم تُعِد الدعاء، خاب سعي الشيطان.
2. الاستعاذة بالله من الشيطان: إذا أحسست ببداية الوسوسة، فلا تنتظر حتى تكمل، قل مباشرة وبصوت منخفض أو في نفسك: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم". ثم استمر في دعائك. افعل هذا كلما داهمك الوسواس.
3. دعاء مختصر وحاسم: بدلاً من الدعاء الطويل الذي قد يتخلله الوسواس، استخدم أدعية قصيرة وحاسمة من القرآن والسنة، مثل:
   · "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار".
   · "اللهم اغفر لي ولوالدي ولمن أحب ولجميع المسلمين".
   · "اللهم احفظ فلانًا من كل سوء، وارزقه الصحة والعافية".
4. غير طريقة دعائك: إذا كنت تدعو في السجود، جرب الدعاء بعد الصلاة. إذا كنت تدعو في قلب الليل، جرب الدعاء أثناء المشي. غير من روتينك حتى لا يتسلط الشيطان على وقت ومكان محدد.
5. لا تترك الدعاء: التوقف عن الدعاء هو النصر الأكبر للشيطان. تذكر أن هذا ابتلاء من الله ليمحص إيمانك ويثبتك. {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ} [محمد: 31]. استمر في الدعاء حتى ولو كان مع الوسواس، فصبرك عليه مع كراهيتك له أجر عظيم.

ثالثاً: العلاج النفسي والقلبي
1. لا تلم نفسك: توقف عن لوم نفسك فورًا. أنت ضحية وسواس، وأنت مجاهد في سبيل الله لتحافظ على عبادتك. كن رحيماً بنفسك كما الله أرحم بك.
2. اطمئن إلى أن الله راض عنك: حبك لأحبتك ودعاؤك لهم هو دليل على طيب قلبك وإيمانك. الشيطان لا يأتي إلا للقلوب العامرة بالإيمان ليفسد عليها عبادتها.
3. استعن بالله وتوكل عليه: أكثر من قول: "يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين".

خلاصة الأمر:
· هذا صوت الشيطان، وليس صوتك.
· الله يعلم ما في قلبك ويغفر الوسوسة.
· الحل: الاستعاذة وعدم إعادة الدعاء و الاستمرار في الدعاء.
· لا تيأس ولا تترك الدعاء، فهذا هو الهدف الرئيسي للشيطان.

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يطهر قلبك، ويذهب عنك وسواس القهر، وأن يجعلك من الذاكرين الشاكرين، وأن يستجيب دعاءك لأحبابك في العافية والصلاح.

واصبر على هذا، فستجد أن الوسواس يضعف تدريجياً حتى يزول بإذن الله، وستعود إلى الدعاء بخشوع وسكينة كما كنت.
وفقك الله وحفظك وأحبابك من كل سوء.