وعليكم السلام ورحمه الله تعالى وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد.
ﻻ ﺧﻼﻑ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻓﻲ ﺟﻮاﺯ ﺃﺧﺬ اﻟﺮﺯﻕ
ﻣﻦ ﺑﻴﺖ اﻟﻤﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺗﺪﺭﻳﺲ ﻋﻠﻢ ﻧﺎﻓﻊ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻭﻓﻘﻪ ﻭﻧﺤﻮﻫﻤﺎ؛ ﻷﻥ ﻫﺬا اﻟﺮﺯﻕ ﻟﻴﺲ ﺃﺟﺮﺓ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻭﺟﻪ ﺑﻞ ﻫﻮ ﻛﺎﻷﺟﺮﺓ.ابن عابدين في الحاشية .
ﻭﺇﻧﻤﺎ اﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺌﺠﺎﺭ ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭاﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭاﻟﻔﻘﻪ ﻭﻧﺤﻮﻫﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻮﻡ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ: ﻓﻴﺮﻯ ﻣﺘﻘﺪﻣﻮ اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ - ﻭﻫﻮ اﻟﻤﺬﻫﺐ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ - ﻋﺪﻡ ﺻﺤﺔ اﻻﺳﺘﺌﺠﺎﺭ ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭاﻟﻌﻠﻢ اﻟﺸﺮﻋﻲ، ﻛﺎﻟﻔﻘﻪ ﻭاﻟﺤﺪﻳﺚ . ﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺑﻦ اﻟﺼﺎﻣﺖ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ: ﻋﻠﻤﺖ ﻧﺎﺳﺎ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﺼﻔﺔ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭاﻟﻜﺘﺎﺑﺔ، ﻓﺄﻫﺪﻯ ﺇﻟﻲ ﺭﺟﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻗﻮﺳﺎ. ﻗﺎﻝ: ﻗﻠﺖ: ﻗﻮﺱ، ﻭﻟﻴﺲ ﺑﻤﺎﻝ. ﻗﺎﻝ: ﻗﻠﺖ: ﺃﺗﻘﻠﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻠﻪ، ﻓﺬﻛﺮﺕ ﺫﻟﻚ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻗﺼﺼﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻘﺼﺔ، ﻓﻘﻠﺖ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺭﺟﻞ ﺃﻫﺪﻯ ﺇﻟﻲ ﻗﻮﺳﺎ ﻣﻤﻦ ﻛﻨﺖ ﺃﻋﻠﻤﻪ اﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭاﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺑﻤﺎﻝ، ﻭﺃﺭﻣﻲ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻠﻪ، ﻗﺎﻝ: ﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﺗﺤﺐ ﺃﻥ ﺗﻄﻮﻕ ﻃﻮﻗﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺭ ﻓﺎﻗﺒﻠﻬﺎ أخرجه أبو داود .
ﻭﺫﻫﺐ ﻣﺘﺄﺧﺮﻭ اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ - ﻭﻫﻮ اﻟﻤﺨﺘﺎﺭ ﻟﻠﻔﺘﻮﻯ ﻋﻨﺪﻫﻢ - ﻭاﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﻮﻝ، ﻭﻫﻮ اﻟﻘﻮﻝ اﻵﺧﺮ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ - ﻳﺆﺧﺬ ﻣﻤﺎ ﻧﻘﻠﻪ ﺃﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ ﻋﻦ ﺃﺣﻤﺪ - ﺇﻟﻰ ﺟﻮاﺯ اﻻﺳﺘﺌﺠﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭاﻟﻔﻘﻪ، ﻟﺨﺒﺮ: ﺇﻥ ﺃﺣﻖ ﻣﺎ ﺃﺧﺬﺗﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺟﺮا ﻛﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ. أخرجه البخاري
ﻭاﻟﻤﺬﻫﺐ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ: ﺟﻮاﺯ اﻻﺳﺘﺌﺠﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻘﺮﺁﻥ، ﺃﻣﺎ اﻹﺟﺎﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻔﻘﻪ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻮﻡ، ﻛﺎﻟﻨﺤﻮ ﻭاﻷﺻﻮﻝ ﻭاﻟﻔﺮاﺋﺾ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻣﻜﺮﻭﻫﺔ ﻋﻨﺪﻫﻢ. ﻭﻓﺮﻕ اﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺟﻮاﺯ اﻹﺟﺎﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﻛﺮاﻫﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﻏﻴﺮﻩ: ﺑﺄﻥ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻛﻠﻪ ﺣﻖ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻴﻪ، ﺑﺨﻼﻑ ﻣﺎ ﻋﺪاﻩ ﻣﻤﺎ ﻫﻮ ﺛﺎﺑﺖ ﺑﺎﻻﺟﺘﻬﺎﺩ، ﻓﺈﻥ ﻓﻴﻪ اﻟﺤﻖ ﻭاﻟﺒﺎﻃﻞ. ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﻥ ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻔﻘﻪ ﺑﺄﺟﺮﺓ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺨﻼﻑ اﻟﻘﺮﺁﻥ.
والخلاصة: أنت تحفظ وتتقن لله، فإن جاء المال فبها ونعمت وأخلص نيتك، ولاتجعل القرآن للدنيا فإنه أكبر من ذلك، والدنيا ليست شيئا يذكر أما أجر ومنزلة الحافظ للقرآن العامل به بنية صادقة، فلا تجعل أجرك صغيرا وهو كبير في الحقيقة مت إخلاص النية.
الموسوعة الفقهية الكويتية.
والحمد لله رب العالمين.