الحمد لله وصلى الله وسلّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
لا يليق بالمسلمة هذا من حيث الأدب..وإذا كان فيه تعريض لها لفتنة فيحرم ..وهذا الإرسال فيه تحريك لقلوب الضعفاء يستغلّه الشيطان في فترات الضعف عند الطرفين، وكونك متزوجة لا يعني أنك معصومة عن الفتنة أو الخطأ، والمرأة مبني أمرها على الستر والحشمة وعدم إظهارها للنشاط بين الأجانب من الرجال ولو حتى برسالة، إلا فيما يتعلّق بشؤونها بين النساء فلا بأس. واعكسي الأمر ماذا لو أرسل زوجك مثل هذا فتعلّقت بها إحدى النساء وتعلّق بها..؟
قال الله تعالى: ﴿يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [الأحزاب ٣٢]
وهو خطاب عام للمؤمنات ..
يقول سيدي ابن عاشور المفسّر: ويَشْمَلُ القَوْلُ المَعْرُوفُ هَيْئَةَ الكَلامِ وهي الَّتِي سِيقَ لَها المَقامُ، ويَشْمَلُ مَدْلُولاتُهُ أنْ لا يَنْتَهِرْنَ مَن يُكَلِّمُهُنَّ أوْ يُسْمِعْنَهُ قَوْلًا بَذِيئًا مِن بابِ: فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ. . انتهى.التحرير والتنوير (22/ 9)
وقوله (ويَشْمَلُ مَدْلُولاتُهُ) هذا يدخل فيه الرسائل والتهاني ونحوها...مما لا داعي له منها مع الأجانب..
«فَيُطْمِعَ» أيْ فَيَطْمَعُ الَّذِي في قَلْبِهِ مَرَضٌ نَفْسُهُ، ﴿وقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا﴾ حَسَنًا بَعِيدًا عَنِ الرِّيبَةِ غَيْرَ مُطْمِعٍ لِأحَدٍ..ينظر تفسير الألوسي
وننقل ما قاله ابن عاشور رحمه الله تعالى للفائدة:
فلا تُخْضِعْنَ الْقَوْلَ، أَيْ تَجْعَلْنَهُ خَاضِعًا ذَلِيلًا، أَيْ رَقِيقًا مُتَفَكِّكًا. ... فَلَمَّا كَانَ التَّفَكُّكُ وَالتَّزْيِينُ لِلْقَوْلِ يُتْبِعُ تَفَكُّكَ الْقَائِلِ أَسْنَدَ الْخُضُوعَ إِلَيْهِنَّ فِي صُورَةٍ، ...أَيْ لَا يَكُنْ مِنْكُنَّ لِينٌ فِي الْقَوْلِ.وَالنَّهْيُ عَنِ الْخُضُوعِ بِالْقَوْلِ إِشَارَةٌ إِلَى التَّحْذِيرِ مِمَّا هُوَ زَائِدٌ عَلَى الْمُعْتَادِ فِي كَلَامِ النِّسَاءِ مِنَ الرِّقَّةِ وَذَلِكَ تَرْخِيمُ الصَّوْتِ، أَيْ لِيَكُنْ كَلَامُكُنَّ جَزْلًا.
وَالْمَرَضُ: حَقِيقَتُهُ اخْتِلَالُ نِظَامِ الْمَزَاجِ الْبَدَنِيِّ مَنْ ضَعْفِ الْقُوَّةِ، وَهُوَ هُنَا مُسْتَعَارٌ لِاخْتِلَالِ الْوَازِعِ الدِّينِيِّ مِثْلَ الْمُنَافِقِينَ وَمَنْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِيمَانِ مِنَ الْأَعْرَابِ مِمَّنْ لَمْ تَرْسَخْ فِيهِ أَخْلَاقُ الْإِسْلَامِ، وَكَذَلِكَ مَنْ تَخَلَّقُوا بِسُوءِ الظَّنِّ فَيَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ، وَقَضِيَّةُ إِفْكِ الْمُنَافِقِينَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا شَاهِدٌ لِذَلِكَ. وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فِي سُورَةِ الْبَقَرَة [10] .
وانتصب فَيَطْمَعَ فِي جَوَابِ النَّهْيِ بَعْدَ الْفَاءِ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ سَبَبٌ فِي هَذَا الطَّمَعِ...
وَالْمَعْرُوفُ: هُوَ الَّذِي يَأْلَفُهُ النَّاسُ بِحَسَبِ الْعُرْفِ الْعَامِّ، وَيَشْمَلُ الْقَوْلُ الْمَعْرُوفُ هَيْئَةَ الْكَلَامِ وَهِيَ الَّتِي سِيقَ لَهَا الْمَقَامُ، وَيَشْمَلُ مَدْلُولَاتُهُ أَنْ لَا يَنْتَهِرْنَ مَنْ يُكَلِّمُهُنَّ أَوْيُسْمِعْنَهُ قَوْلًا بَذِيئًا مِنْ بَابِ: فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ.التحرير والتنوير (22/ 9)
نسأل الله أن يحفظنا ويستر علينا بسترها الجميل..
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.