الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
الزواج باطل، ولا بد من التفريق بينهما، والأولاد ينسبون له وللرجل الثاني، وعليه أن تقضي عدتها من الرجل الأول، ثم تعتد ثانية، وهذه فتوى:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدِ اتَّفَقَ جَمِيعُ الفُقَهَاءِ وَبِدُونِ خِلَافٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ للرَّجُلِ الأَجْنَبِيِّ نِكَاحُ المَرْأَةِ المُعْتَدَّةِ،أَيَّاً كَانَتْ عِدَّتُهَا مِنْ طَلَاقٍ أَو مَوْتٍ ،وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللّٰهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾. يَعْنِي: لَا تَعْقِدُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَنْقَضِيَ مَا كَتَبَ اللّٰهُ عَلَيْهَا مِنَ العِدَّةِ.
فَإِذَا تَمَّ العَقْدُ عَلَيْهَا وَهِيَ في فَتْرَةِ العِدَّةِ فَهُوَ زَوَاجٌ فَاسِدٌ،وَالزَّوَاجُ الفَاسِدُ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا حُكْمَ لَهُ.
وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ آثَارِ الزَّوْجِيَّةِ.
فَلَا يَحِلُّ الدُّخُولُ بِهَا.
وَلَا يَجِبُ لَهَا مَهْرٌ وَلَا نَفَقَةٌ.
وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا عِدَّةٌ.
وَلَا تَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ المُصَاهَرَةِ.
وَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا إِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا.
وَيَجِبُ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَفَرَّقَا بِأَنْفُسِهِمَا،وَإِلَّا فَرَّقَ القَاضِي بَيْنَهُمَا.
وَإِذَا حَصَلَ دُخُولٌ بِالمَرْأَةِ المُعْتَدَّةِ،كَانَ الدُّخُولُ مَعْصِيَةً،وَوَجَبَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا،وَتَسْتَحِقُّ المَرْأَةُ المَهْرَ،وَإِذَا حَمَلَتْ ثَبَتَ النَّسَبُ للوَلَدِ،وَتَجِبُ عَلَيْهَا عِدَّةٌ جَدِيدَةٌ.
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى أَنَّ الدُّخُولَ بِالمُعْتَدَّةِ لَا يُحَرِّمُهَا عَلَيْهِ، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا حَلَّ لَهُ الزَّوَاجُ بِهَا.
وَذَهَبَ المَالِكِيَّةُ إلى أَنَّ الدُّخُولَ بِالمُعْتَدَّةِ يُحَرِّمُهَا عَلَى الرَّجُلِ تَحْرِيمَاً مُؤَبَّدَاً، فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَلَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدَاً، لِمَا رَوَى الإمام مالك في المُوَطَّأِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ وعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ طُلَيْحَةَ الْأَسَدِيَّةَ كَانَتْ تَحْتَ رُشَيْدٍ الثَّقَفِيِّ، فَطَلَّقَهَا، فَنَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا؛ فَـضَرَبَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَضَرَبَ زَوْجَهَا بِالْمِخْفَقَةِ ضَرَبَاتٍ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا، فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا الَّذِي تَزَوَّجَهَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ. ثُمَّ كَانَ الْآخَرُ خَاطِباً مِنَ الْخُطَّابِ.
وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا، فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنَ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ مِنَ الْآخَرِ، ثُمَّ لاَ يَجْتَمِعَانِ أَبَدَاً.
وبناء على ذلك:
فَزَوَاجُ المَرْأَةِ المُعْتَدَّةِ فَاسِدٌ وَهِيَ آثِمَةٌ وَالزَّوْجُ يَكُونُ آثِمَاً إِذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهَا في العِدَّةِ، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَيُّ أَثَرٍ قَبْلَ الدُّخُولِ،فَإِذَا تَمَّ الدُّخُولُ بِهَا تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ الآثَارُ التي ذُكِرَتْ أَعْلَاهُ. هذا،واللّٰه تعالى أعلم.
---
حرر بتاريخ: 25.06.2020
المصدر:
https://www.naasan.net/index.php?page=YWR2aXNvcnk=&op=ZGlzcGxheV9hZHZpc29yeV9kZXRhaWxzX3U=&advisory_id=MTA1MDY=&lan=YXI=