الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَعِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ أَنَّ المِقْدَارَ المُبَاحَ في النَّظَرِ إلى المَخْطُوبَةِ هُوَ الوَجْهُ وَالكَفَّانِ، لِأَنَّ رُؤْيَتَهُمَا تُحَقِّقُ المَطْلُوبَ مِنَ الجَمَالِ وَخُصُوبَةِ الجَسَدِ وَعَدَمِهِمَا، فَيَدُلُّ الوَجْهُ عَلَى الجَمَالِ أَو ضِدِّهِ، لِأَنَّهُ مَجْمَعُ المَحَاسِنِ، وَالكَفَّانِ عَلَى خُصُوبَةِ البَدَنِ أَو عَدَمِهَا.
وَلَا يَجُوزُ الحَدِيثُ مَعَ المَخْطُوبَةِ عَلَى الهَاتِفِ لِأَنَّهَا مَا زَالَتِ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً عَنْهُ، أَمَّا الخَلْوَةُ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى وَأَوْلَى في التَّحْرِيمِ، لِأَنَّ الخِطْبَةَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الزَّوَاجِ، وَلِأَنَّهَا مَا تَزَالُ أَجْنَبِيَّةً عَنِ الخَاطِبِ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنِ الخَلْوَةِ بِالأَجْنَبِيَّةِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ، فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ، إِلَّا مَحْرَمٌ» رواه أحمد.
فَالخَلْوَةُ بِالمَخْطُوبَةِ قَبْلَ الزَّوَاجِ، وَالذَّهَابُ مَعَاً إلى الأَمَاكِنِ العَامَّةِ وَغَيْرِهَا كُلُّهُ مَمْنُوعٌ شَرْعَاً، بَلْ إِنَّهُ لَا يُحَقِّقُ الغَايَةَ المَرْجُوَّةَ، إِذْ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ يَظْهَرُ بِغَيْرِ حَقِيقَتِهِ، وَلِأَنَّ الخَاطِبَ يَتَعَجَّلُ الأُمُورَ، وَيَسْتَجِيبُ لِتَلْبِيَةِ الغَرِيزَةِ فَيَقَعُ الضَّرَرُ. هذا، والله تعالى أعلم.
---
حرر بتاريخ: 13.03.2007
المصدر:
https://www.naasan.net/index.php?page=YWR2aXNvcnk=&op=ZGlzcGxheV9hZHZpc29yeV9kZXRhaWxzX3U=&advisory_id=MTY3&lan=YXI=