الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَتُسْأَلُ المَرْأَةُ لِمَاذَا تُزَوِّجُ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا؟ إِنْ كَانَ وَلِيُّهَا يَمْنَعُهَا مِنَ الزَّوَاجِ تَعَسُّفَاً لِسَبَبٍ غَيْرِ مَقْبُولٍ فَهَذَا لَيْسَ مِنْ حَقِّهِ، وَفِعْلُهُ هَذَا يُعَدُّ عَضْلَاً يَحْرُمُ فِعْلُهُ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهَاً وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ﴾.
أَمَّا إِنْ كَانَ مَنْعُهُ مِنَ الزَّوَاجِ بِحُجَّةِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَيْسَ كُفْئَاً لَهَا فَهَذَا مِنْ حَقِّهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا عَضْلَاً، وَعَلَى المَرْأَةِ أَنْ تُطِيعَ وَلِيَّهَا، لِأَنَّهُ يَنْظُرُ في مَصْلَحَتِهَا، وَلِأَنَّ الخَاطِبَ إِنْ لَمْ يَكُنْ كُفْئَاً فَإِنَّ وَلِيَّهَا يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ العَارَ، وَهَذَا عُذْرٌ يُبِيحُ لَـهُ الامْتِنَاعَ عَنْ تَزْوِيجِهَا.
وبناءً على ذلك:
إِنْ كَانَ مَنْعُهُ تَعَسُّفَاً فَهَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَللمَرْأَةِ في هَذَا الحَالِ أَنْ تَرْفَعَ أَمْرَهَا إلى القَاضِي، فَيُزَوِّجُهَا القَاضِي لِأَنَّهُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَـهُ، أَمَّا أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ وَلِيٍّ وَلَا قَاضٍ فَلَا يَجُوزُ، لِأَنَّ مِنْ أَرْكَانِ عَقْدِ النِّكَاحِ الوَلِيَّ، أَو مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَهُوَ القَاضِي.
وَيَرَى بَعْضُ الفُقَهَاءِ وَفِيهِمُ الحَنَفِيَّةُ، أَنَّ لَهَا أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا مُسْتَقِلَّةً عَنْ وَلِيِّهَا إِذَا كَانَتْ بَالِغَةً عَاقِلَةً رَشِيدَةً، وَلِوَلِيِّهَا الاعْتِرَاضُ وَطَلَبُ الفَسْخِ إِذَا كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ كُفْءٍ، أَو الزَّوَاجُ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ المِثْلِ. هذا، والله تعالى أعلم.
---
حرر بتاريخ: 13.03.2007
المصدر:
https://www.naasan.net/index.php?page=YWR2aXNvcnk=&op=ZGlzcGxheV9hZHZpc29yeV9kZXRhaWxzX3U=&advisory_id=MTYz&lan=YXI=