الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
مشروعية الجمع بين الصلوات بعذر المطر حكم عام على الصحيح ولا يتعلق بمكلف دون غيره، وهو إما جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء جمع تقديم وهذا رخصة في شريعتنا، ثبتت في السنة النبوية من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ" رواه مسلم، ورواه الإمام مالك رحمه الله في [الموطأ] ثم قال: "أرى ذلك كان في مطر". ومثله قال الإمام الشافعي رحمه الله في [الأم 1/ 94].
كما ثبت الجمع بين الصلاتين بعذر المطر عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم من الصحابة، وهو قول جمهور العلماء من أهل السنة من المالكية والشافعية والحنابلة.
وهذه الرخصة لها شروط وضوابط حددها الفقهاء، فإذا انتفت هذه الشروط أو انتفى واحد منها لم يجز الجمع؛ لأن الرخصة إذا لم يتحقق موجبها بقي الحكم على أصله، فتصلى كل صلاة على وقتها.
والملاحظ أن العذر في الجمع بين الصلوات عذر عام يتعلق الحكم فيه بعلة منضبطة وهي وجود المطر الذي يبل الثوب، فمن وجدت هذه العلة في حقه له أن يترخص في الجمع، ومن انعدمت عنده لا يترخص.
والإمام هو الذي يطلب منه التحقق من هذه الشروط، وليس آحاد المصلين، فإذا تحققت الشروط ولو لواحد جمع الإمام، وعندئذ من تحققت فيه شروط الرخصة من المصلين له أن يجمع مع الإمام، ومن لا تتحقق فيه الشروط فلا جمع له، ويصلي كل صلاة على وقتها.
فجمع الإمام بعذر المطر لا يعني بحال أن يجمع جميع من في المسجد ممن حضر الصلاة، بل لا بدَّ أن تتحقق العلة فيمن يريد الجمع، قال الإمام الشربيني رحمه الله: "والأظهر، وفي الروضة الأصح، تخصيص الرخصة بالمصلي جماعة بمصلى بمسجد، أو غيره بعيد عن باب داره عرفاً، بحيث يتأذى بالمطر في طريقه إليه نظراً إلى المشقة وعدمها، بخلاف من يصلي ببيته منفرداً أو جماعة، أو يمشي إلى المصلى في كن، أو كان المصلى قريباً فلا يجمع لانتفاء التأذي" [مغني المحتاج 1 /534].
على أنه لو أراد أحد المصلين أن يترك الجمع ولو كانت الرخصة في حقه متحققة فله ذلك؛ لأن الجمع رخصة ليست بواجبة، ولا مسنونة فيجوز تركها ابتداءً، بل إن الأفضل تركها خروجاً من خلاف الحنفية القائلين بعدم صحة الجمع مطلقاً، فلا ينبغي الإنكار على من يخرج ولا يجمع.
وعليه؛ يجوز الجمع بين الصلوات لعذر المطر إن تحققت شروطه، ولا يجب ولا يسنّ، فمن أحب أن يترخص بالجمع إن كان يتأذى بالمطر فلا حرج عليه، ومن ترك الجمع فلا حرج كذلك، قال الإمام النووي رحمه الله في بيان الرخص الشرعية: "ترك الجمع بين الصلاتين أفضل بالاتفاق" [المجموع شرح المهذب 4 /336]. والله تعالى أعلم.
---
حرر بتاريخ: 17.03.2022
المصدر:
http://www.aliftaa.jo/Question.aspx?QuestionId=3694