الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
لا يُشرع مشي المأموم طلبا للسترة بعد سلام إمامه، فقد بيّن الفقهاء أن اتخاذ السترة هو من مندوبات الصلاة وليس من فرائضها، كما جاء في "حاشية الجمل" (1/ 436): "سن أن يصلي لنحو جدار كعمود، ثم إن عجز عنه فلنحو عصا مغروزة كمتاع"، فتركها لا يبطل صلاة المصلي، وكذلك مرور مارٍ بين يديه، جاء في "البيان" للعمراني (2/ 158): "وإن مرّ بين يدي المصلي مار. . لم تبطل صلاته".
ونص الفقهاء على أن من مبطلات الصلاة كثرة الحركات لغير ضرورة. جاء في "المقدمة الحضرمية" (ص79): "من شروط صحة الصلاة ترك الأفعال الكثيرة، فلو فعل ثلاثة أفعال متوالية، كثلاث خطوات، أو حكات في غير الجرب، أو وثب وثبة فاحشة، أو ضرب ضربة مفرطة، بطلت، سواء كان عامدا أو ناسيا. ولا يضر الفعل القليل، ولا حركات خفيفات وإن كثرت، كتحريك الأصابع".
ثم إن مفسدة المشي في الصلاة أعظم من مرور المار بين يدي المصلي؛ لأن مشي المصلي قد يكون سببًا في بطلان صلاته، خلافا للمرور. وقد نقل الإمام النووي الاتفاق على عدم مشي المصلي لدفع المار بينه وبين سترته، معللا ذلك باحتمال بطلان صلاته بالمشي، فمن باب أولى منع المشي في الصلاة لاتخاذ سترة.
جاء في "شرح النووي على صحيح مسلم" (4/ 223): "اتفقوا على أنه لا يجوز له المشي إليه من موضعه ليرده، وإنما يدفعه ويرده من موقفه؛ لأن مفسدة المشي في صلاته أعظم من مروره من بعيد بين يديه، وإنما أبيح له قدر ما تناله يده من موقفه، ولهذا أمر بالقرب من سترته، وإنما يرده إذا كان بعيدا منه بالإشارة والتسبيح".
وعليه فإذا سلّم الإمام من صلاته فلا يشرع للمسبوق المشي لاتخاذ السترة، قياسا على الاتفاق الذي نقله النووي رحمه الله، خاصة وأن بعض الفقهاء قالوا إن سترة الإمام تبقى سترة للمأموم حتى بعد سلام الإمام.
جاء في "حاشية ابن عابدين (1/ 638)": "ظاهره الاكتفاء بها ولو بعد فراغ إمامه، وإلا فما فائدته".
وقد أشار الشربيني إلى هذا المعنى - معتبرا بقاء حكم السترة لمن شرع في الصلاة فأزالتها الريح - كما جاء في "مغني المحتاج" (1/ 421): "لو وضع سترة فأزالها الريح أو غيرها، فمَن عَلِمَ فمرورُه كمروره مع وجود السترة، دون من لم يعلم"، والله تعالى أعلم.
---
حرر بتاريخ: 03.02.2014
المصدر:
http://www.aliftaa.jo/Question.aspx?QuestionId=2871