المرأة في نظر الإسلام إنسان كريم، له تفكيره وعقله ومشاعره وعواطفه التي يجب احترامها، ومن ذلك الأخذ برأيها في موضوع مهم في حياتها، ألا وهو موضوع الزواج، الذي يخصُّها ويهمها أكثر من أي إنسان آخر، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (لا تُنكح الأيِّم - أي الثَّيِّب - حتى تُستأمر، ولا تُنكح البكر حتى تُستأذن). قالوا: يا رسول الله ، وكيف إذنها؟ قال: (أن تسكت) متفق عليه.
ومعنى الحديث: أن المرأة إذا كانت ثيِّبًا - أي سبق لها أن تزوّجت - ثم فارقت زوجها بموت أو طلاق؛ لا يجوز لوليِّ أمرها أن يُزوِّجها ما لم تُصرِّح بالرضا بالخاطب الجديد.
وإن كانت بِكراً فلا بد من استشارتها، ويكفي سكوتها عن تصريحها، إذا كان السكوت دالاًّ على الرضا، ففي كل الأحوال لا بد من أخذ رأيها.
وإذا كان الشرع الشريف قد أوجب على وليها أن يقف إلى جانبها في أمر الزواج، فليس معنى ذلك أنها سلعة يريد أن يبيعها، بل هو مساعدة لها حتى لا تقع في شباك أحد الماكرين، الذين يخدعون النساء بمعسول القول، ثم ينبذونهن دون مراعاة لعهد ولا ذمة ولا أخلاق، والرجال أقدر من النساء على كشف هذه الأمور في نفوس الآخرين، والرجال أعرف بأخلاق الرجال؛ فهو تدخُّل لحمايتها وحفظ كرامتها ممن يستغلُّ ضعفها، وعدم معرفتها بأحوال الناس. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيّما امرأة نكحت بغير إذن وليها؛ فنكاحها باطل) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.
أما قضية الأولوية فغير ورادة في باب الزواج؛ لأن الأولوية في لغة الناس هي ما يسمّيه الفقهاء بـ(الشفعة)، والشفعة إنَّما تكون في العقارات، التي ليس لها شعور ولا عواطف، ولا تُفرِّق بين مالك ومالك، أما المرأة فلا أولوية لأحد في زواجها، بل هي تختار بمعرفة وليِّها مَن تراه مناسباً لأن يكون زوجاً لها.
نعم إنَّ القريب يعرف قريبه أكثر من الأجنبي، وإذا كنا لا نُلزم المرأة أن تتزوَّج القريب لأنه قريب؛ فليس معنى ذلك أن ترفضه لأنه قريب، بل يجب النظر إليه بعين المساواة كخاطب من جملة الخاطبين؛ إن رأت مصلحتها في الزواج منه قبلته، وإن رأت غير ذلك فهي أعرف بمصلحتها.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى الأحوال الشخصية/ فتوى رقم/11)
---
حرر بتاريخ: 25.07.2012
المصدر:
http://www.aliftaa.jo/Question.aspx?QuestionId=2405