الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
الأصل في الزكاة هو أن تنفق زكاة كل أهل بلد في فقراء هذا البلد، ولأن فيه رعاية حق الجوار، والمعتبر بلد المال، لا بلد المزكي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تؤخذ من أغنيائهم فترد علی فقرائهم».
واتفق الفقهاء على مشروعية نقل الزكاة إذا لم يكن ببلد المزكي من يستحق الزكاة، وذلك أن إخراج الزكاة لمستحقيها واجب شرعا، وإذا توقف هذا الواجب على نقل الزكاة صار النقل واجبا لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
واختلف الفقهاء في حكم نقل الزكاة من بلد المزكي – الذي يوجد به فقراء – إلى بلد آخر، فذهب الجمهور إلى أنه لا يجوز نقل الزكاة إلى بلد غير بلد المزكي لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ، وأعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم»، ولأن نقلها عنهم يفضي إلى ضياع فقرائهم، ولما روي أن معاذًا بعث إلى عمر صدقة من اليمن، فأنكر عمر ذلك وقال: لم أبعثك جابياً ولا آخذ جزية، ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس وترد به فقرائهم.
وذهب الحنفية إلى جواز أن ينقلها المزكي إلى قرابته، لما في إيصال الزكاة إليهم من صلة الرحم، وجواز أن ينقلها إلى قوم هم أحوج إليها من أهل بلده، وكذا الأصلح، أو الأورع، أو الأنفع للمسلمين وخاصة البلاد ذات الظروف الخاصة من الحروب والنكبات .