الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين أما بعد:
إذا كان المؤذن يؤذن على دخول الوقت منضبطاً فقد طلع الفجر ووجب الإمساك، وإذا استمر في الأكل أو الشرب وهو يؤذن فيعتبر مفطراً لأنه لم يمسك على الوقت ويجب عليه القضاء مع الإتمام لهذا اليوم حرمة للشهر.
أما إذا كان المؤذن يؤذن قبل دخول الوقت فلا يفطر بهذا..
قول الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) البقرة/187، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ بِلاَلًا يُنَادِي بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ) رواه البخاري؛ لأنه كان ينادي بالصلاة عند طلوع الفجر؛ وهذا مما لا خلاف فيه بين المسلمين.
وأما الحديث الشريف: (إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمُ النِّدَاءَ وَالْإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ، فَلَا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ) رواه أبو داود. فقد جاء في "علل ابن أبي حاتم" (رقم/340، 759): "قال أبي: هذا الحديث ليس بصحيح" انتهى بتصرف. وقال العلماء عنه أنه حديث منكر مخالف لظاهر القرآن..
وقال ابن القطان رحمه الله: "وهو حديث مشكوك في رفعه" انتهى من "بيان الوهم والإيهام" (2/ 282).
قال البيهقي عقب روايته : وهذا إن صح محمول عند عوام أهل العلم على أنه صلى الله عليه وسلم علم أنه ينادي قبل طلوع الفجر ، بحيث يقع شربه قبيل طلوع الفجر ، ليكون موافقاً لحديث عائشة وابن عمر ، رضي الله عنهم
وقد حمله العلماء على الأذان المشكوك في دلالته على طلوع الفجر، أو على الأذان الأول الذي يؤذن بليل وليس للفجر، وأما الأذان الثاني (أذان طلوع الفجر حقيقة) فلا يحل الأكل بعده.
فمن تناول شيئا من المفطرات بعد بدء الأذان يجب عليه أن يمسك عن الطعام في هذا اليوم, ويقضيه بعد رمضان؛ لأن بداية الأذان تدل على دخول الفجر، وإن تعمد ذلك فهو آثم يلزمه مع الإمساك والقضاء التوبة النصوح بالندم والعزم على عدم تكرار ذلك، والإكثار من الاستغفار.
وعلى المسلم أن يحتاط لدينه وعباداته فيتَّبع أقوال جماهير علماء الأمة، ويبتعد عن الأقوال الشاذة والمخالفة. والله تعالى أعلم.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى:
{فرع} ذكرنا أن من طلع الفجر وفي فيه طعام فليلفظه ويتم صومه فإن ابتلعه بعد علمه بالفجر بطل صومه وهذا لا خلاف فيه ودليله حديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم " رواه
البخاري ومسلم وفي الصحيح أحاديث بمعناه المجموع شرح المهذب (6/ 311)
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً والحمد لله رب العالمين.