بسم الله، والحمد لله، وصلى الله تعالى وسلم على سيدنا محمد ومن والاه؛ وبعد:
اختلف الناس: هل تارك الصلاة تكاسلا من جحد لها كافر؟
أم لا ؟
فذهبت جماعة من أهل العلم إلى أن تارك الصلاة عمدا تهاونًا وَتَكَاسُلًا إِذَا كَانَ معترفًا بوجوبها= غيرُ كافر، وأنه يقتل حَدًا - كالزاني ! المحصن - لا كفرًا، وهذا هو مذهب مالك وأصحابه، وهو مذهب الشافعي وجمهور أصحابه، وعزاه النووي في شرح المهذب للأكثرين من السلف والخلف، وقال في شرح مسلم: ذهب مالك والشافعي رحمهما الله تعالى والجماهير من السلف والخلف إلى أنه لا يكفر بل يفسق ويستتاب فإن تاب وإلا قتلناه حدًا كالزاني المحصن، ولكنه يقتل بالسيف.
-والدليل على أنه لا يكفر : إنّ الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشرك به
ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.
وما رواه مالك في الموطأ عنْ يَحْيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حِبَّان عن ابْنِ مَحيريز: أن رجلا من بني كنانة يُذعى المخدّجي سمع رَجُلا بالشام يكنى أبا محمد يقول : إن الوثر واجب، فقال المخدّجي فرَحْتُ إلى عبادة بن الصامت فاعْتَرَضْتُ لَهُ وهُو رائح إلى المسجد فأخبرته بالذي قال أبو محمد، فقال عبادة: كذب أبو محمد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يَقُولُ: «خمس صلوات كتبهنَّ الله عزّ وجل على العباد فمن جاء بهنّ لمْ يُضيّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا استخفافا بحقهن كان له عند الله عَهْدَ أن يدخله الجنة، ومن لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِندَ الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة» ووجه الدلالة من هذا أنه تركه في المشيئة ولوكان كافراً لم يكن في المشيئة بل يكون معذبا قولًا واحدًا.
وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: «إنّ أوّل ما يُحاسب به الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيامة الصلاة المكتوبة، فإن أتمها وإلَّا قِيلَ انْظُرُوا هَلْ لَهُ مِنْ تطوع، فإنْ كَانَ لَهُ تَطوَّعَ أكملت الفريضة من تطوعه ثم يُفْعَلُ بسائر الأعمال المفروضة مثل ذلك».
- والدليل على أنه يقتل:
قوله تعالى: «فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم»؛ فإن الله -تعالى- في هذه الآية اشترط في تخلية سبيلهم إقامتهم الصلاة، ويفهم من مفهوم الشرط أنهم إن لم يقيموها لم يُخل سبيلهم، وهو كذلك، وما رواه الشيخان عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله-صلى الله تعالى عليه وسلم- «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحقها». ومنها: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث إليه علي -رضي الله عنه- وهو باليمن بذهبية، فقسمها بين أربعة، فقال رجل: يا رسول الله، اتق الله؛ فقال: «ويلك! أولست أحق أهل الأرض من يتقي الله»، ثم ولى الرجل، فقال خالد بن الوليد: يا رسول الله! ألا أضرب عنقه، فقال: «لا؛ لعله يكون يصلي».
والله أعلم.