الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
لا توارث بين الأقارب المتوفين في الحادث إذا لم يُعلَم أيهم أسبق موتاً، وهذه المسألة يبحثها العلماء في باب (ميراث الغرقى والهدمى).
يقول الخطيب الشربيني رحمه الله: "(لو مات متوارثان بغرق) أو حرق (أو هدم أو في) بلاد ( غربة معاً أو جهل أسبقهما لم يتوارثا) أي: لم يرث أحدهما من الآخر؛ لأن من شرط الإرث تحقق حياة الوارث بعد موت المورث، وهو هنا مُنتَفٍ. (ومال) أي: تركة (كل) من الميتين بغرق ونحوه (لباقي ورثته)؛ لأن الله تعالى إنما يورث الأحياء من الأموات، وهنا لا تعلم حياته عند موت صاحبه؛ فلا يرث، كالجنين إذا خرج ميتاً، ولأنا إن ورثنا أحدهما فقط فهو تحكم، وإن ورثنا كلاًّ من صاحبه تيقنا الخطأ لأنهما إن ماتا معاً ففيه توريث ميت من ميت، أو متعاقبين ففيه توريث من تقدم ممن تأخر، وحينئذ فيقدر في حق كل ميت أنه لم يخلف الآخر" "مغني المحتاج" (4/ 47).
وبناء على ما سبق: فتركة هؤلاء المتوفين في الحادث توزع على ورثتهم، وهم ولد وبنت، فيرثان من أبيهما تعصيباً: للذكر مثل حظ الأنثيين، ومن أمهما تعصيباً: للذكر مثل حظ الأنثيين، ومن أخيهما تعصيباً: للذكر مثل حظ الأنثيين. وذلك لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النساء/11. وقوله تعالى: (وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النساء/176.
فدلت الآيتان على أن الابن والأخ يرثان بالتعصيب، وأن كل واحد منهما يُعصِّب أخته، هذا على فرض أن الزوج والزوجة اللذين توفيا معاً ليس لأيٍّ منهما أم ولا أب أحياء؛ لأن السؤال لم يتطرق لهذا، فإن كان لأي منهما أم أو أب؛ فإن كل واحد منهما يرث سدس مال المتوفى، ويُقسم الباقي كما ذُكر.
أما بالنسبة للدية والكفارة؛ فلا بد من معرفة ملابسات الحادث بشكل تفصيلي لنعرف هل الزوج كان متسبباً فيه لسرعته العالية، أم انقلبت شاحنة على سيارته بدون تسبُّب منه، وحينها يتبين هل يجب عليه كفارة ودية أم لا.
فإن لم يكن سبب آخر للوفاة فإن السائق تجب عليه دية كل من توفي معه، وتكون في تركته لورثة كل متوفى، وتلزمه الكفارة، فيُطعَم عنه من تركته ستون مسكيناً عن كل واحد، ويكون أداؤها قبل توزيع التركة. والله أعلم.
---
حرر بتاريخ: 28.05.2009
المصدر:
http://www.aliftaa.jo/Question.aspx?QuestionId=275