الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: يَجِبُ الأَمرُ بالمَعرُوفِ والنَّهيُ عن المُنكَرِ على القَادِرِ عَلَيهِ، لِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» رواه الإمام مسلم عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
ثانياً: الصَّلاةُ في جَمَاعَةٍ خَيرٌ من الصَّلاةِ مُنفَرِدَاً، لِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» رواه الشيخان عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُما.
ثالثاً: صَلاةُ الفَاسِقِ في حَقِّ نَفسِهِ صَحِيحَةٌ، وفي حَقِّ المَأَمُومِينَ مَكرُوهَةٌ، ولَيسَت بَاطِلَةً، لما جاءَ في الحَديثِ الشَّريفِ الذي رواه أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ وَاجِبَةٌ خَلْفَ كُلِّ مُسْلِمٍ، بَرَّاً كَانَ أَوْ فَاجِراً، وَإِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ». ولِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «صَلُّوا خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ» رواه البيهقي والدار قطني عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
وبناء على ذلك:
فإذا كَانَ بالإمكَانِ أن يُمنَعَ الفَاسِقُ من الإمَامَةِ فهوَ وَاجِبٌ وأَولَى، وأمَّا إذا كَانَ مَفرُوضَاً على النَّاسِ ولا يَستَطِيعُونَ مَنْعَهُ، فالصَّلاةُ خَلفَهُ جَائِزَةٌ مَعَ الكَرَاهَةِ، وقد ثَبَتَ في الصَّحِيحِ أنَّ ابنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُما كَانَ يُصَلِّي خَلفَ الحَجَّاجِ على ظُلمِهِ.
وقَالَ الفُقَهَاءُ بِكَرَاهِيَةِ الصَّلاةِ خَلفَهُ لِعَدَمِ الوُثُوقِ بِهِ في المُحَافَظَةِ على شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلاةِ، وإذا كَانَ بالإمكَانِ أن يُصَلِّيَ الإنسَانُ خَلفَ غَيرِهِ فَليَفعَلْ إذا لم يَخشَ على نَفسِهِ الضَّرَرَ. هذا، والله تعالى أعلم.
---
حرر بتاريخ: 20.08.2014
المصدر:
https://www.naasan.net/index.php?page=YWR2aXNvcnk=&op=ZGlzcGxheV9hZHZpc29yeV9kZXRhaWxzX3U=&advisory_id=NjQ4Mg==&lan=YXI=